سجلت أسعار الذهب ارتفاعاً قياسياً جديداً اليوم، لتصل إلى 2942 دولاراً للأوقية، وسط حالة من القلق في الأسواق العالمية عقب إعلان الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على واردات الصلب والألمنيوم. هذه الخطوة المفاجئة أثارت مخاوف واسعة من اندلاع حرب تجارية عالمية وتزايد الضغوط التضخمية، ما دفع المستثمرين إلى البحث عن ملاذ آمن.
*معادلة الذهب: بين التضخم والمخاوف التجارية*
لطالما كان الذهب ملاذاً آمناً في أوقات الأزمات الاقتصادية والسياسية، ويبدو أن الأسواق تستجيب اليوم بشكل مباشر لقرار ترامب الذي اتخذ “دون استثناءات أو إعفاءات” لدعم الصناعات الأميركية المتعثرة. هذا القرار أثار موجة شراء قوية دفعت أسعار الذهب نحو مستويات قياسية.
العقود الأميركية الآجلة بدورها سجلت ارتفاعاً متزامناً، ما يعكس تصاعد المخاوف من أن هذه الرسوم الجمركية قد تؤدي إلى اختلالات تجارية أعمق وزيادة الضغط على أسعار السلع.
*التوتر التجاري يفتح الباب أمام التضخم*
الرسوم الجمركية الجديدة تأتي في توقيت حرج، إذ يترقب المستثمرون صدور بيانات مؤشر أسعار المستهلكين الأميركيين غداً الأربعاء ومؤشر أسعار المنتجين يوم الخميس. هذه البيانات ستوفر إشارات هامة حول مدى تأثير الرسوم الجديدة على التضخم في الولايات المتحدة.
كما تتجه الأنظار إلى شهادة رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول أمام الكونغرس، حيث يُتوقع أن يوضح توجهات السياسة النقدية المقبلة في ظل هذه التطورات الاقتصادية المتسارعة. هل سيتخذ الفدرالي موقفاً أكثر صرامة لكبح التضخم، أم سيلجأ إلى سياسات مرنة خشية من ركود محتمل؟
*المعادن النفيسة الأخرى: انخفاضات تحت الضغط*
لم يقتصر التأثير السلبي للتوترات التجارية على الذهب فحسب، بل امتد إلى الفضة التي انخفضت بنسبة 0.8% إلى 31.8 دولاراً للأوقية. المحلل لوكمان أوتونوجا أشار إلى أن انخفاض الطلب الصناعي على الفضة يعكس حالة عدم اليقين السائدة حالياً.
أما البلاتين والبلاديوم، فقد تراجعا أيضاً إلى 984.4 دولاراً و975.6 دولاراً للأوقية على التوالي، في ظل انخفاض معنويات المستثمرين بشأن المعادن الصناعية.
*ما القادم؟-
في ظل هذه الأجواء الضبابية، من المرجح أن يستمر الذهب في قيادة موجة التحوط ضد المخاطر المتزايدة. أي تصعيد إضافي في السياسات الحمائية قد يدفع أسعار الذهب إلى كسر حاجز 3 آلاف دولار للأوقية في المستقبل القريب.
لكن إذا نجحت الأسواق في احتواء التوترات أو تم التوصل إلى حلول سياسية وتجارية، فقد تهدأ وتيرة ارتفاع الذهب نسبياً. في كل الأحوال، تظل الأسواق في حالة ترقب حذر، والمستثمرون مطالبون باليقظة لضمان حسن استثمار الفرص التي تولدها الأزمات.
الأيام القادمة ستكون حاسمة في رسم ملامح المشهد المالي العالمي، والذهب سيبقى، كما كان دائماً، مقياساً دقيقاً لمستوى الخوف في الأسواق.